الشخصيّة القويّة هي الشخصيّة التي تتميّز بإستقلاليتها و تميّزها عن الآخرين وتطوّرها الدّائم ناحية الأفضل ، عندما تجتمع تلك العناصر في شخصيّة الفرد فإنها تمثّل نواة الشخصيّة ، فلا يمكننا الحكم على شخصيّة الفرد بأنها قويّة أو ضعيفة من السطح فقط ، بل يستلزم متابعة و ملاحظة التصرّفات و التطوّر في الفرد للحكم على شخصيته .
و يتميّز الأفراد أصحاب الشخصيّات القويّة ....
أيّاً كانت صفاتهم بأنهم يمثّلون عامل جذب للآخرين ، وذلك لتميّزهم و قدرتهم على استيعاب التعامل مع غيرهم أيا كانت صفاتهم ، وأيضاً لما يمثلونه من مثل أعلى لغيرهم في جوانب محددة، و لكي ينجح أي منا في مسعاه يجب أن يدرك أبعاد شخصيّته ويصارح ذاته بنقاط ضعفه ونقاط قوّته ، والمهم في مرحلة مصارحة الذات أن تكون دون أن يبخّس الشخص قدره دون أن يدري ، وأيضاً دون تعظيم للذات ، والخطوة الأولى في بناء الشخصية القوية هو التّصالح مع تلك الصّفات والرّغبة والدئب على تطويرها بشكل إيجابي
إنّ العمل على تطوير الذات يستلزم إصرار وعزم لا يلين ، حيث يجب التّركيز على تنمية المهارات التي تساعد على التواصل مع الآخرين ، فالخبرة العمليّة هي العامل المشترك بين الذين يتمتّعون بشخصيّة قويّة، علما بان الخبرة العملية تأتي من خلال خوض التّجارب دون خوف أو تقليل من الذات ، وتجدر الاشارة هنا الى ان الفشل في التجارب لا يمثّل سوى عنصر من عناصر تراكم الخبرات ، كذلك يجب تزامن ذلك مع تطوير المهارات الخاصّة بالتحكّم في القلق والغضب و المشاعر السلبيّة عموماً والتي تؤثّر بشكل كبير على إتّخاذ القرارات و ردود الأفعال العاقلة .
من المهم ايضا تحديد هدف كبير يسعى الشخص لتحقيقه ، فالكثير من النّاس لا يملكون هدف حقيقي لوجودهم و يعيشون في حالة من القيام بردود أفعال أو سد الإحتياجات اللّحظية فقط ، ولا يمكن إعتبار هذا نجاح في الحياة ، بل يكمن النجاح في وجود هدف يسعى الخص لتحقيقه ، وكلما اقترب منه يشعر بقدرته على الإنجاز و المواصلة في سبيله .
أن التطوّر في الشخصيّة يخضع لعوامل البيئة والظروف المحيطة و العوامل الفسيولوجيّة نفسها ، وانه بناء على معرفة كل فرد وإدراكه لما يحيط به بشكل حقيقي يمكنه السّير في إتّجاه التّطوير، فالتمتّع بروح الإستقلاليّة والتحليق خارج السّرب هو أهم ما يقوّي من شخصيّة الفرد .
كيف أكتسب شخصية قوية
هناك العديد من العوامل التي تؤثر على قوة الشخصية والتي يمكنك أن تقوم بها لتطور شخصيتك وتجعلها أكثر قوة وتأثيرًا على الآخرين، فالشخصية في نهاية المطاف هي انعكاس لروح الإنسان ومعتقداته، ولعلك لاحظت أن كثيرًا من الناس يستخدمون كلمة "بناء" مع كلمة "شخصية"، فالشخصية فعلًا يمكن أن تبنى، وبإمكانك أن تبني شخصيتك بنفسك، لذلك عليك أن تختار المواد التي ستبني بها شخصيتك بعناية وأن تكرس وقتك وجهدك في ذلك، فالبناء ذو الأساسات الضعيفة لا يستمر وينهار في النهاية، أما البناء القوي هو الذي يصمد ويزداد قوة مع مرور الزمن، واعلم أن ما تزرعه في نفسك تحصده، لذلك احرص على زرع الإيجابية والخير والتفاؤل والقناعة والاحترام، لتحصد كل هذه الأمور من علاقاتك بالآخرين.
الشخصية القوية تبنى على أساس سامٍ، لذلك فإنه من المهم أن تكون أفكارك سامية ومعتقداتك سامية، وبناء على ذلك ستكون تصرفاتك وأفعالك سامية، فهذه الأمور لا تنبي لك شخصية قوية وفعالة في حياتك فحسب، بل تبقي أثرك طيبًا حتى بعد مماتك، لذلك راجع نفسك وانظر إلى أفكارك وإلى طريقة تلقيك للأمور وراقبها، فإن وجدت خللًا ما فسارع إلى إصلاحه، واجعل دينك منبع أفكارك السامية وأخلاقك الرفيعة.
كن مميزًا واحذر التقليد الأعمى والانصهار في شخصيات الآخرين وأفكارهم ومواقفهم، فأنت بذلك تقتل شخصيتك ومواهبك وإرادتك وتميزك، لا بتسعى وراء التقليد الأعمى، واحرص على المحافظة على الصفات الحسنة وتنميتها، وهنا تجدر الإشارة إلى أن عليك أن تكون واثقًا بما لديك، فالشخصية القوية ليست دائمًا جرأة عالية وصوتًا مرتفعًا، بل هي أفعال ومواقف قبل أن تكون أي شيء آخر، لذلك قم باستغلال صفاتك التي تجدها إيجابية واصقلها واستخدمها في الوصول إلى الشخصية الفاعلة التي تطمح أن تكون عليها.
الثقة بالنفس هي إيمانك بقدراتك وأفكارك ومعتقداتك، وهي سبب لمواجهة المصاعب والتحلي بالعزيمة والإرادة، والشجاعة وعدم الاعتراف بالفشل، وعدم النجاح في أمر ما لا يعني أنك إنسان فاشل بل أنك لم توفق في هذه المحاولة، والواثق من نفسه يحاول دائمًا أن يتخطى تلك المواقف التي لا يوفق فيها، وهو متصالح مع ذاته، يعرف نقاط قوتها ويعرف نقاط ضعفها ويسعى لتعزيز الإيجابي والتغلب على السلبي في شخصيته، واعلم أن الواثق من نفسه هو وحده القادر على الوصول إلى الشخصية القوية، فإن وجدت أن شخصيتك تحتاج إلى مزيد من الثقة بالنفس فلا تقلق، فالثقة بالنفس أمر مكتسب.
احترم وجهة نظر الآخرين، وقد يكون من الصعب أحيانًا أن يتقبل المرء مخالفة الآخرين له، خصوصًا عند إيمانه العميق بفكرة ما ومعارضة أحدهم لهذه الفكرة، وهنا تظهر الفروق في الشخصيات بين الإنسان القوي والضعيف، فالإنسان ذو الشخصية القوية والفاعلة يتقبل هذا الاختلاف، ولكنه لا يتبنى بالضرورة رأي من يخالفه، بل يفهم جيدًا أن هذا الاختلاف هو طبيعة موجودة في الإنسان وأن عدم تقبله لهذا الاختلاف لن يؤدي إلا إلى مزيد من الخلاف، بل وقد يصل الأمر أحيانًا للشجار، فمن المهم عند مقابلة من تختلف معهم بالرأي أن لا تبدأ بطرح الأمور التي تختلفون فيها كوجهات النظر السياسية مثلاً، بل أن تبحث عن نقاط الاتفاق في أمور مختلفة وأن تكسب هذا الشخص صديقًا لك، بدلًا من الاسترسال في المناقشات التي لن تجعلك تعزف عن رأيك، ولن تجعله يعزف عن رأيه أيضًا، فالإنسان ذو الشخصية القوية يعرف كيف يكسب الآخرين وهو حريص على البحث عن نقاط يتفق فيها مع من أمامه، لا العكس.
الإصغاء للآخرين، حيث ان الإنسان ذو الشخصية الواعية القوية يدرك أن عليه الإصغاء جيدًا للآخرين، وهنا يجدر بنا التمييز بين الاستماع والإصغاء، فالاستماع يكون بالأذن، أما الإصغاء فيكون بالقلب، والإصغاء للآخرين يتطلب الإنصات إلى كل كلمة وتفهم مشاعر الآخرين وما يقصدونه، وعدم شغل الذهن بالبحث عن ردود أثناء حديث الآخرين، فصاحب الشخصية القوية ليس من أهدافه إيجاد الردود التي يثبت بها خطأ من أمامه، بل أن يتفهمه وينصت إليه ويقدره، ومن ثم يفكر فيما قيل ويبدي رأيه بكل حكمة.
صاحب الشخصية القوية يتحلى بأخلاق عالية تنبع من مبادئه ومعتقداته، لذلك احرص على الابتعاد عن الغيبة فهي من الأمور التي نهى عنها الله سبحانه وتعالى، ولا يوجد من يستلذ الغيبة والنميمة إلا أصحاب القلوب المريضة والشخصيات الضعيفة، فانظر إلى نفسك واحرص على تذكر الثواب الذي ستحصل عليه عند ابتعادك عن الغيبة ومدى رضاك عن نفسك وعن شخصيتك إن تجنبت غيبة الآخرين، وصاحب الشخصية القوية يبشر الناس بالخير دائمًا ولا ينفرهم أو يخبرهم ما قد يثبطهم ويقلل من عزيمتهم، فاحرص على نشر الأمل والتفاؤل وأن ترفق بمن حولك وأن تتدرج في تعليم الناس لتصل إلى قلوبهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق